الجمعة، 22 نوفمبر 2019

العدالة المفقودة

العدالة المفقودة

في السنوات الماضية حصلت الكثير من الأحداث في الكويت حوكم على أثرها العديد من المواطنين وحكم عليهم بالسجن لسنوات متفاوته وبأحكام أخرى .

وبعيداً عن الخوض بالأحكام التي صدرت ، إلا أننا شاهدنا وخلال هذه السنوات مبادرات عدة تجاه بعض المحكومين وخاصة تجاه المحكومين في قضية إقتحام أو دخول المجلس (سمها ما شئت) وهي مبادرات إنسانية تحصل في العديد من دول العالم وتعتبر حق من حقوق السجناء.

فقد شاهدنا كيف أنه تم السماح للنائب السابق د. فهد الخنة وابنه محمد للخروج من السجن لحضور مراسم دفن الطفل المرحوم فهد صالح فهد الخنة للتخفيف عن العائلة ، وقبل أيام قليلة رأينا كيف تم نقل الدكتور فهد للعلاج بأحد المستشفيات بعد وصوله للبلاد قادماً من تركيا لتلقي العلاج قبل صدور قرار العفو عنه، أثر وعكة صحية ألمت به.

وشاهدنا اليوم كيف عاد النائب السابق د. وليد الطبطبائي برفقة جنازة والدته التي وافتها المنية خلال سفرها لرؤيته في تركيا، بعد عدد من التطمينات الحكومية التي حصل عليها الطبطبائي ومنها ما حصل عليه من إتصال ورد له من قبل وزير الداخلية بالانابة أنس الصالح للعودة (كما قال في تغريدته) ومن ثم العفو .

وبالمناسبة نبارك للنائبين السابقين الخنة والطبطبائي وللشباب الذين سبقوهم بالعفو ونتمنى لهم حياة مستقبلية جديدة، ونبارك لعوائلهم لم الشمل، كما نعزيهم بوفاة أعزتهم وذويهم ، ونسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان.

لكن في الوقت نفسه نرى التمييز الحاصل ضد عدد من الأشخاص المدانين في قضية العبدلي، فنفس هذه الأحداث حصلت دون أن يمكنوا من حقهم ، فعلى سبيل المثال ما يحصل للناشط الحقوقي الأستاذ زهير المحميد حيث منع من الانتقال للمستشفى ومراجعة طبيبه المختص لتلقي العلاج وإجراء الفحوصات المطلوبة بعد تعرضه لأزمة صحية في القلب (كما ينقل ذويه وعدة من المؤسسات الحقوقية) .

بالإضافة الى منع المعتقلين حسن العطار و عبدالمحسن الشطي من تشييع ذويهم ، حيث أن والدة العطار وشقيقة الشطي فارقتا الحياة ولم يمكن أي منهما من إلقاء النظرة الأخيرة عليهن، ولم يسمح لهم بحضور المقبرة ولا العزاء.

فإن هذا التمييز المنافي للعدالة والمساواة يجعل المواطن يتساءل هل هو متعمد (الى جانب التمييز في أمور أخرى) ؟! ، وما هو المبرر الذي إعتمد عليه المعنيين بالسماح لأشخاص للإستفادة من هذه الحقوق ومنعها من آخرين ؟! ، رغم أن الدستور الكويتي نص  في مادته 7  إن(العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، ... )، و في المادة 29 إن (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين) .

ولذلك وجب على الشيخ صباح الخالد الذي تم تكليفه مؤخراً لرئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة العمل على ترسيخ مبدأ العدالة والمساواة بين مكونات الشعب، كما نص الدستور والمعاهدات والإتفاقيات الدولية ورفض التمييز في أي جهة من جهات الدولة.

كما نتمنى عليه العمل على تقديم مبادرة لطي صفحة الماضي من خلال العفو عن جميع القضايا السابقة وخاصة العفو عن المدانين في قضايا الرأي وقضية العبدلي وقضية المجلس، وليبدأ عهد رئاسته لمجلس الوزراء بصفحة جديدة تساهم في رأب الصدع ولم الشمل .


عبدالوهاب جابر جمال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق