السبت، 27 يوليو 2019

قراءة في الحرب إن وقعت




- مقدمة :

بعد ان تسيد ترامب الحكم في البيت الأبيض زاد الحديث والتهديد الأمريكي لقيام الحرب على إيران كرغبة منها لتحجيمها وإعادتها كما كانت قبل الثورة في الحضن الأمريكي ، فتزداد حدة تهديداتها تارة وتقل تارة أخرى .

فماهي القراءة لهذه الحرب وما هي مضارها على طرفي الحرب وعلى دول الخليج .


- أمريكا والحرب :

في أمريكا هناك مؤسسات متعددة تختلف في ما بينها بشأن الحرب كلُ حسب قراءته ومصالحه والزاوية التي ينظر منها .

فمنهم من يرغب بها ويعمل من أجلها
ومنهم من يرفضها ويعمل لعدم الدخول بها
وهذه الأمر يسبب ربكة لدى متخذي القرار ويخلق فوضى لديهم

وهذا التباين في الآراء نتيجة لعدة أسباب :

١- أسباب عسكرية :

فأمريكا دخلت في عدة حروب عسكرية مباشرة بعدة دول كافغانستان والعراق وفقدت فيها الكثير من قواتها وهي غير مستعده لفقد أكثر من رجالها ، فلذلك إن إتخذ القرار فستعمل على القيام بهجوم جوي من خلال القصف المدمر  وستعمل على إبعاد بوارجها وقواعدها العسكرية من الخليج كي لا تتعرض للقصف كما حصل في الحرب على يوغسلافيا وهذا الأمر مكلف جداً عليها .


٢- أسباب إقتصادية:

في الحرب المباشرة ستنفق أمريكا الكثير من ميزانيتها للحرب وتبعاتها وستتجه نحو الخسارة الحتمية، فإيران بمقدورها أن تشل المنطقة إقتصادياً خاصة من خلال إغلاق المعابر المائية الرئيسية  (كمضيق هرمز ، باب المندب ، قناة السويس) وتشل كل ما يتعلق بنقل النفط من والى المنطقة .

٣- وهناك خطر  آخر يجعل من متخذ القرار الأمريكي أن يتردد كثيراً في شن هجومه ( وهو تهديد إيران وقوى المقاومة بإستهداف "إسرائيل" وقصفها وتدميرها في حال دخول أمريكا بهذه الحماقة) وإزالتها من الوجود وهذا أهم معرقل لقرار أمريكا  بشن الحرب وهو ما يؤلمها حقاً .

فأمريكا تعي أن دخولها في حرب ليس بنزهة بل ستكون كلفتها عليها عالية (بالمال والعتاد والرجال) وعلى غيرها ولذلك هي متردده ولن تقدم على الحرب في الفترة القريبة القادمة .


- ايران والحرب :

منذ أن بدأت التهديدات الأمريكية نرى أن جميع القوى في إيران (من إصلاحيين ومحافظين) إتفقوا على طريق واحد متحد خلف الولي الفقيه (وهذا مؤشر قوة) فهو صاحب الرأي الاول والأخير  في التعامل مع أمريكا بعد أن كانت في السابق مختلفه فيما بينها حول أسلوب التعاطي معها .

وقد أعلن الولي الفقيه موقفه أمام الإعلام ولخصه بالآتي : بأن لا تفاوض ولا حرب

وهذا الأمر نتج عنه التعامل بلغة القوي كما حصل خلال إسقاط الطائرة الأمريكية وسحب البارجة البريطانية وهي رساله مباشرة بأن إيران لن تصمت كثيراً أمام الإختراقات وأنها قوية وستواجه أي إعتداء على أراضيها بقوة .

وفي نفس الوقت قامت إيران بكتابة وثيقة أو إتفاقية (عدم إعتداء) وطلبت من دول الخليج قاطبة التوقيع عليها رغبة منها بعدم الدخول بصراع وحرب مع جيرانها في الخليج .

فإيران إتخذت في الوقت نفسه مسارين 
الأول : مسار إبراز قوتها تجاه أمريكا 
والثاني : مد يد التعاول والسلام مع دول الخليج

وعلى الرغم من كل  ذلك بالحرب وخاصة الجوية ستخسر إيران الكثير وستتدمر أراضيها وستزهق أرواح مواطنيها نتيجة للقصف لكنها وحسب كلام محلليها وقادتها أنها ستنتصر في الميدان وسترد بمستوى يجعل من المعتدي نادماً على موقفه مهما طال زمن الحرب وستقاوم ولن تبقى مكتوفة الأيد .


دول الخليج والحرب :

أما بالنسبة لدول الخليج فدول الخليج تقع في بقعة الحرب وستستغل أمريكا قواعدها العسكرية فيها لضرب إيران ، وإيران من الطبيعي جداً أن ترد على أماكن إطلاق الصواريخ وعلى البوارج الأمريكية وقواعدها في الخليج فستكون أراضي الخليج مسرحاً للحرباً وفي مرمى النيران المتبادلة بشكل مباشر ولن تكون أرضها بعيدة عن المعركة .

وفي حين إيقاف الحرب سيتجه الأمريكان بشكل مباشر "كدولة منقذه" في ملف إعادة الإعمار وستفرض تواجدها وتدخلها في المنطقة أكثر من هذا الباب، لحلب الأموال الخليجية والسيطرة على النفط بشكل مباشر لتسترد جزء من الأموال التي ستفقدتها في الحرب منهم وهذا الأمر سيتسبب بخسائر فادحة لدول الخليج. 


ختاماً :

 يبقى السؤال الأهم
من سيكون الخاسر في هذه الحرب إن وقعت ؟!

بقراءة بسيطة في لغة الربح والخسارة
اذا أتت الحرب ستكون ايران أقل خسارة من أمريكا فرغم الدمار الذي سيطالها إلا إنها ستنهض بسرعه ، فهي قد إعتادت ونتيجة لحصارها المستمر منذ إنتصار الثورة على الإكتفاء الذاتي و عدم الاعتماد على الخارج وكما أنها نهضت بعد حرب الثمان سنوات المفروضة عليها ستنهض بسواعد شعبها وإمكانياتها وستبقى أمريكا تبحث عن آلية مع دولة أو دول الخليج لتحلبها أكثر لتعوض خسارتها من خزائن الخليج .

وأما دول الخليج فستكون من أبرز الخاسرين بسبب إعتمادها على الخارج في تصدير نفطها وإستيراد إحتياجاتها وبسبب ووقوعها في هذا الموقع الإستراتيجي الصعب ونتيجة للأطماع الخارجية بخيرات أراضيها النفطية .

ويبقى الخاسر الأكبر هو الكيان الصهيوني الغاصب "إسرائيل" لأنه وبعد انطلاق الرصاصة الأولى من الحرب ستنهال عليها الصواريخ التي ستدمرها وتقلبها رأساً على عقب وستمحى من الوجود.


عبدالوهاب جابر جمال