الجمعة، 20 فبراير 2015

رسالة نصر الله لدول الخليج

كما في كل عام تنتظر الشعوب الحرة اطلالة امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى القادة الشهداء (بتاريخ ١٦ فبراير ) لكي يجدد بوصلة الصراع مع العدو الصهيوني ويتحدث عن الملفين اللبناني و العالمي و قليل عن اسرار الشهداء ،  وكما في كل عام تخصص القنوات الفضائية اللبنانية والعالمية ساعات لتحليل ذلك الخطاب و اخذ العبر منه .

لكن من الملفت في خطاب هذا العام ان سماحته خصص جزء من خطابه ليوجه رسائل مباشرة وهامة لأنظمة وحكومات دول مجلس التعاون الخليجي لينجوا بأنفسهم من الهزائم المتتالية (للمشروع الذي يدفعون لانجازة ) فقد اصبح تهديد الارهاب "الداعشي" خلف ابوابهم و المتغيرات العالمية تقترب منهم ، وبدأوا يخسرون كل رهاناتهم ، لعل وعسى يستمعون الكلام ويتبعون أحسنه .

فقد بين سماحته ان بوصلة "داعش" (التي وقفو معها و أيدوها في فترة من الفترات ليتخلصوا من النظام السوري ) ليست فلسطين ولا المسجد الأقصى بل وكما هو واضح هي التمكن منهم والانقلاب عليهم و السيطرة على مكة المكرمة و المدينة المنورة ، كما صرحوا اكثر من مرة  لتكتمل دولتهم المزعومة "دولة الخلافة" ، والمتابع للإحداث لا يمكنه تجاهل ذلك .

كما بين ؛ انه يجب اجراء حل وتقارب في اليمن، وعدم تجاهل الثورة الشعبية التي لا يمكن تخطيها (لا سيما وان قيادات هذه الثورة مدت يد التعاون والحوار مع الجميع ) ، فهي من ستقف بوجه "القاعدة" و"داعش" التي كادت ان تصل الى دول الخليج، و هذه المقاربة يجب ان لا تكون بتحريض اليمنيين على بعضهم والذهاب الى مجلس الامن الدولي والانفعال والغضب فيؤخذ باليمن الى ما لا تحمد عقباه  وجرها الى حرب ، بل الجلوس في طاولة مستديرة للحوار و التوافق لأن الحرب ستحول اليمن الى بركان ومن سيدفع الثمن دول الخليج قطعاً . 

وأما في ما يتعلق في البحرين، فقد حرص سماحة السيد ان تتحدث بقية دول الخليج الى حكام هذا البلد لكي يهدأوا ويتصالحوا مع شعبهم ، فالشعب في البحرين يريد الاصلاح عبر الحوار والتسوية، وان يتم الحوار والهدوء ومعالجة هذا الامر وعدم الانجرار الى العنف الذي يرفضه الشعب .

فهذه الملفات التي تعتبر الأهم في المنطقة والأكثر حساسية لا بد وان تحل كي يعود لها الأمن و الاستقرار ، وبهذه الرسالة يوضح السيد حرصه و حبة لهذه الدول و يتمنى ان يسودها الهدوء والاستقرار وان تعود الانظمة الى جادة الصواب وتحسن خياراتها فالمرحلة خطرة  ولا بد فيها من الوعي  الكامل و صحة الاختيارات .



عبدالوهاب جابر جمال
الجمعة 1 جمادي الأول 1436
الموافق 20 فبراير 2015


@abdulwahab_j_j

الجمعة، 13 فبراير 2015

الحرب الناعمة ،،، الأدوات وسبل المواجهة

بعد الفشل الأمريكي في الحرب العسكرية (الصلبة) عاد التفكير وبشكل كبير لمسطلح ( الحرب الناعمة ) والتي روج له البروفيسور جوزيف ناي (نائب وزير الدفاع اﻷميركي السابق وأحد أهم المخططين اﻹستراتيجيين اﻷميركيين ) ، والذي تمكن بمهارة توظيف ثنائية الصلب و الناعم المستعملة في أجهزة الكمبيوتر ( ادوات ناعمة software ، ادوات صلبة Hardware ) لتكوين فكرة جديدة لغزو العالم . 

فبعد الفشل اﻷميركي بالقوة الصلبة أي العسكرية في العراق و أفغانستان وخصوصاً في سنة  2008 صدرت توصيات من لجنة بيكر - هاملتون لتعديل الخطة اﻷميركية بالمنطقة للحد من التكاليف العسكرية و البشرية والمالية. 

فتمكن مجموعة من الخبراء و الباحثين اﻹستراتيجيين من ادراج مقولة (الحرب الناعمة) في الخطة المرسومة على ضوء نقاشات في مراكز و معاهد اﻷبحاث المتخصصة بصناعة القرار اﻷميركي بوجود مفكرين من الحزب الجمهوري و الحزب الديمقراطي و بإشراف معهد الدراسات الدولية اﻹستراتيجية CSIS فكانت النتيجة ان توصلت أميركا إلى معادلة جديدة أطلق عليها اسم القوة الذكية  (القوة الصلبة + القوة الناعمة) .

عندها خرجت وزيرة خارجية أميركا هيلاري كلينتون و أعلنت ان الولايات المتحدة وصلت الى القوة الذكية و هي (تسخير كل اﻷدوات التي تتوفر لدى الولايات المتحدة اﻷميركية ) : مثل ( اﻹقتصادية ، العسكرية ، السياسية ، القانونية
، الثقافية ، اﻹعلامية ) لمواجهة العدو .

فتقرر نقل المعركة من الميدان العسكري (الصلب) حيث القتل و الموت و الدمار و هذا بنظر أميركا ميدان يتفوق عليها أعدائها بالصبر و الصمود و العقيدة ، ونقل المعركة الى معركة ناعمة و أداوته التكنولوجية و الاتصالات و الاعلام حيث اميركا تتفوق على عدوها و العالم بهذا الميدان .

وقد حدد جوزيف ناي موارد القوة الناعمة الأمريكية وجعلها في ثلاث محاور :
١- تعزيز القيم والمؤسسات الأمريكية وإضعاف موارد منافسيها وأعدائها .
٢- توسيع مساحة وجاذبية الرموز الثقافية والتجارية والإعلامية والعلمية الأمريكية وتقليص نفوذ منافسيها وأعدائها.
٣- بسط وتلميع جاذبية امريكا وصورتها وتثبيت شرعية سياساتها الخارجية وصدقية تعاملاتها و سلوكياتها الدولية وضرب سياسات اعدائها .

كما حدد ناي مصادر و أدوات هذه القوة (الناعمة) ولخصها بالتالي :
١- مصانع هوليوود والانتاج الاعلامي والسينمائي الأمريكي.
٢- الجامعات والمؤسسات التعليمية الأمريكية (التي تعمل لجذب الطلاب والباحثون الوافدين للدراسة ليعودوا لبلدانهم ويشكلوا جيوش لنقل وخدمة المشروع الأمريكي). 
٣- المهاجرين ورجال الأعمال الأجانب .
٤- شبكات الإنترنت والمواقع الأمريكية .
٥- برامج التبادل الثقافي والمؤتمرات الدولية التي ترعاها وتشارك في تنظيمها.
٦ الشركات الاقتصادية العابرة للقارات . 
٧- الرموز والعلامات التجارية الاستهلاكية.
٨- وكالات التنمية والمساعدات الدولية 
٩- برامج التدريب و التعاون العسكري لقادة وضباط الجيىش الأجنبية .

وقد اتخذ القرار بان يتم البحث عن اﻷداة الملائمة من بين هذه اﻷدوات بما يتناسب مع وضع كل دولة بهدف سحقها وجعلها تحت أمرتها، فبعض الدول يتم احتلالها عبر تغيير ثقافتها و البعض الاخر عبر الاعلام و التكنولوجيا وهكذا.  

فبالمقابل يجب علينا نحن الشعوب المسلمة ان نتعرف اكثر على السياسات التي تحدث من حولنا و ان نوحد جهودنا لمواجهتها و ان نواجه هذه الحرب للحفاظ على قيمنا و اخلاقياتنا وان نعي اننا نعيش  في عمق هذه الحرب الناعمة. 

وتتلخص سبل المواجهه كما يراها سماحة الامام السيد علي الخامنئي بالتالي :

١- الاقتناع و الإيمان الحقيقي بأصل وقوع الحرب الناعمة واستمرارها.
٢- الفهم الصحيح لطبيعة الحرب الناعمة وآليات عملها .
٣- الوحدة والإنسجام .
٤- البصيرة في تشخيص القضايا و الأحداث .
٥- الحضور في الساحة ومواصلة البرامج وحسم المواقف.
٦- معرفة أهداف الحرب الناعمة وإحباطها .
٧- رصد مواقف و حركة العدو وسد مواطن الضعف في جبهتنا .
٨- تنمية الاعلام الاسلامي وصناعة النموذج البديل للنموذج الأمريكي والغربي .
٩- دور الأساتذة وطلاب الجامعات كقادة وضباط في مواجهة الحرب الناعمة.
١٠- عصرنة مناهج العلوم الجامعية والحوزوية .
١١- الجهاد الإقتصادي بأبعادة الثلاثة (التنمية ،العدالة ، ترشيد الإستهلاك).
١٢- الاعتقاد بأن الشيطان هو أول من استعمل اسلوب الحرب الناعمة .



عبدالوهاب جابر جمال

الجمعة 23 ربيع الثاني 1436
الموافق 13 فبراير 2015


الخميس، 5 فبراير 2015

الفكر التكفيري يحرق الكساسبة حياً

منذ سنوات وبدعم امريكي وغربي انتشر الفكر التكفيري بين دولنا واصبح كالسرطان ينتشر بسرعة جنونية و اعتبرت المملكة الأردنية الهاشمية احد هذه الدول التي انتشر بها هذا الفكر و اعتبر شعبها من اكثر الشعوب تشدداً وتبنياً له ايضاً، وبسبب ما  يحمله هذا الشعب من تعاطف كبير لهذا الفكر اصبح للأردن ومنذ بداية الاحداث في سوريا دور بارز في دعم الحركات المسلحة من خلال الدعم و التدريب والتمويل و كانت هي احد اهم الحواضن الرئيسية لتلك الجماعات وعلى رأسها جماعة "داعش" الارهابية ، فصنفت الأردن من ضمن اهم الدول الداعمة للتنظيم  . 

فمنذ بدايات ظهور داعش على الاراضي السورية و من ثم تمددها واحتلالها للأراضي العراقية كانت دائماً ما تستعين بالاردن وكما يذكر المحلل السياسي الأمريكي "دانيال باتريك وولش" ان مقاتلي داعش كانوا يتلقون الدعم المالي من واشنطن والتدريبات العسكرية من الأردن ، فقد خصصت لهم اراضي شاسعة لهذا الغرض ، كما انها لم تتوقف للحظة من استضافة المؤتمرات والشخصيات الداعمة لداعش وعلى رأسهم رغد ابنة الطاغية صدام حسين (التي صرحت في اكثر من مرة دعمها وتأييدها لداعش)  ، ومن الملفت ايضاً ان ابرز قيادات الجماعات التكفيرية في العالم  كانوا يملكون الجنسية الاردنية كأبي مصعب الزرقاوي الذي عاث فسادا في العراق .

 وبعد ان اكتشف العالم "متأخراً" مدى بشاعة هذا الفكر واجرامه وبعد ان بدأت داعش بتهديد الدول المحيطة بها  اضطرت الاردن وعدد من الدول الاخرى الى الانظمام الى "أضحوكة" التحالف الدولي ضد داعش فأمدت هذا التحالف بالمال و الطيارين ، وشاركت بعدد من الغارات و الطللعات الجوية .

وكان من ضمن الطيارين الذين ارسلتهم الأردن الطيار معاذ الكساسبة التي استطاعت "داعش" ان تأسره (اثناء قيامه باحد المهمات في المناطق التي تسيطر عليها) و قامت باعدامه حرقاً وتم نشر الفيديو بهذه الطريقة البشعة ، وكما يقول المثل (ان السحر انقلب على الساحر ) .

فاستنكر العالم باسره هذه الجريمة البشعة واصبح الجميع يهاجم داعش ، لكن بعد ماذا ؛ بعد ان سيطرت داعش على اراضي شاسعة من سوريا و العراق واصبحت تمتلك ميزانية ضخمة تعادل ميزانية دول !!  واصبحت عالة على العالم الاسلامي و الغربي .

فاين كنتم عندما كانت سوريا تئن وتنزف جراحها من هذا الفكر البشع ، اين كنتم عندما انتقل الاجرام الى العراق وكاد ان ينتقل الى لبنان !! 

ولطالما حذر عقلاء الامة وعلمائها من خطورة هذا الفكر وانه يستهدف الامة ومقدساتها بمختلف انتمائاتهم وايدولوجياتهم بل يستهدف الانسانية جمعاء ، لكن من كان داعما له كان يرى الامور بعين الطائفية وانه ينتقم من فئة لصالح أخرى  ، ومع الأسف البعض انخرط في هذا المشروع الغربي الذي يسعى لتدمير الامة ونشر الفتن والاحقاد بينهم واعتبروا من يحذرهم أنه يقول قوله بالنظر لمصلحته الضيقة ، ولكن يوما بعد آخر يتبين صدق مواقفهم وكلامهم وانهم ينظرون للاسلام والمسلمين بعين واحدة وبمنظور واحد .. لكن البعض لا يتعض إلا بعد أن تحرقه النار .




عبدالوهاب جابر جمال