الثلاثاء، 31 يوليو 2018

سياسة القوة

سياسة القوة 

بعد التصريحات المندفعة والقرارات المتهورة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه سدة الرئاسة تجاه إيران كإنسحابه من الاتفاق النووي وإعلانه عن نيته بفرض عقوبات إقتصادية جديدة عليها ، شعرت أغلب دول المنطقة بقرب إندلاع الحرب التي لن ترحم البشر ولا الحجر وخاصة في منطقة الخليج  .

فتسابق الكثيرين وخاصة بعض الدول العربية لإطلاق تصريحات منحازة للجانب الأمريكي ، رغبةً منها بالتودد لها آخرها الحديث عن إقامة إتفاقيات لحلف جديد هدفه مواجهة ايران تحت ذريعة حماية النفس والدخول من باب الحماية من قبل "القوي" ! .

وفي ظل هذا الخوف أتى الرد حاسماً من الجانب الايراني بكل إقتدار وثقة وبلغة القوة بأن هذه التهديدات لن تجعلنا نتراجع أو نخضع للجانب الأمريكي أو نتنازل عن حقوقنا ومبادئنا التي تمسكنا بها منذ إنطلاق الشرارة الأولى للثورة وأبرزها الإستقلال السياسي و دعم القضية الفلسطينية ومواجهة الكيان الصهيوني الغاصب .

 الرد الايراني (سواء اتفق البعض معه أو إختلف) قد وصل بشكل مباشر للشخص المعني وجعل الرئيس ترامب يتراجع عن عنجهيته المفرطة ، وسرعان ما أطلق عبر موقعه الشخصي في شبكة تويتر رغبته بالحوار غير المشروط مع القادة الإيرانيين ،  فأتاه الرد الإيراني برفض مجرد التفكير بدعوته للحوار قبل عدوله عن قراره تجاه الإتفاق النووي

هذا الموقف أثبت من جديد أن الجانب الأمريكي لا تردعه إلا لغة القوة ، فالقوة والغرور  لا يمكن مواجهتها بالتودد أو الضعف ولا يمكن تخفيفها بعطايا مالية طائلة من هنا أو هناك ، رغم الامكانيات الضخمة التي تمتلكها الولايات المتحدة .

هذه الحادثة التي تابعها الجميع يجب أن لا تمر هكذا مرور الكرام دون دراسة  بل يجب إعتبارها أساساً لمعادلة سياسية  في مواجهة الدول المتغطرسة بإسم سياسة القوة ولا بد من الجميع الإستفادة منها ، خصوصاً مع أمريكا التي إعتادت أن تملي الشروط دون معارضة من أحد ومع رئيس يعتقد انه أصبح سيداً للعالم ولا يستطيع أحد الوقوف بوجهة ! .

وهنا لا بد وأن أطرح هذا السؤال  :
ماذا لو تعاملت جميع دول العالم بلغة الندية وسياسة القوة  مع الولايات المتحدة وتخلت عن لغة الخوف والسمع والطاعة ؟! هل ستستمر أمريكا بسياستها العدوانية الإرهابية تجاه دول العالم ؟! .


ختاماً ؛ 
يجب القول إن المتابع الحقيقي للأحداث وخاصة لسياسة ترامب (سياسة التهديد والوعيد وحصد الأموال) يشاهد المفارقة بتعامله بين الدول على حسب القوة والضعف فلتختار أي دولة أين تريد أن تكون .




عبدالوهاب جابر جمال

الثلاثاء، 17 يوليو 2018

لماذا تنشأ المعارضة ؟!


لماذا تنشأ المعارضة ؟!

جرت العادة الفطرية الإنسانية عند طرح أي فكرة و موقف أن تتخذ إحدى هذه المواقف ، إما مؤيد للفكرة أو معارض لها وقلة تجدهم صامتون لا يعلنون موقفهم ، وكل فريق يقوم بطرح ما عنده بكل وسيلة يمتلكها لتبيان صحة موقفه ، ولو عكسنا هذا الأمر على اللعبة السياسية فسنجد أن الشعوب في أي قضية  تقف في نفس هذه المواقف ، فلو عرضت عليه أي حكومة أو دولة أمر ما أو قانون معين تجد أن الشعب قد إنقسم ما بين مؤيد أو معارض أو ممتنع ، وهوأمر صحي كما بينا بل ومطلوب لتطور البلد .
وإن فصلنا بشكل أكبر فالمعارضة السياسية لها أشكال مختلفة ومتفاوته (من حيث الإسلوب) و منها :
-         المعارضة (السلمية) المنسجمة مع القوانين العامة والدستور والمتمسكة به :
وهي المعارضة الإصلاحية  المنضبطة والتي تسعى لتطوير وتنمية البلد وتعمل لإصلاح الإعوجاج الحاصل به ويكون الإصلاح هو محور عملها ، وعادة ما تكون هذه المعارضة معارضة لمواضيع كالفساد و معارضة بعض القوانين ، وصفتها  العدالة والإنصاف ( تحدد موقفها مع كل قضية بشكل مستقل فلا تكون معارضة على طول الخط) وهي المعارضة المطلوبة .
-         المعارضة (الهدامة) والغير منسجمة لا مع قانون ولا دستور:
وهي المعارضة  الغير إصلاحية  والغير منضبطة والساعية لهدم أركان البلد شيئا فشيء مهما تغلفت بشعارات جميله ورنانة ، وعادة ما ينشط مثل هذا النوع من من المعارضة لدى من يعمل وفق أجندات خاصة لإسقاط الأنظمة وتشكيل أنظمة بديله وتكون معارضة  لكل شئ حكومي وبمصطلح آخر هي (معارضة من أجل المعارضة) .

وبعد هذه المقدمة وتبيات معنى المعارضة السياسية  السلمية لابد لي من طرح سؤالين :

السؤال الأول : ماذا تريد الشعوب من الحكومات ولماذا تتجه نحو تأسيس المعارضة السلمية ؟
تتمحور الإجابة على هذا السؤال بأربعة نقاط أوجزها بالتالي :
1-    تريدها  وكيلا أمينا عادلا على ثروة البلد والمال العام .
2-    تريدها راعية لمصالح الفرد الدينية والدنيوية والإنسانية .
3-    تريدها متوافقة مع الدستور ليكون هو الحكم في أي خلاف بينهم .
4-    تريدها مؤمنة بدولة المؤسسات ومتمسكة بمبدأ فصل السلطات .

فلو حققت أي حكومة هذه البنود و المطالب فستكون في مأمن من أي صوت معارض لها ،  لأنها حققت لشعبها ما يلزم وستضمن أصوات أغلبية الشعب بجنبها ، أما إذا تجاهلتها فإنها تقوم بدفع المواطنين بشكل واضح لمعارضتها ، ولا بد من القول إن هذه المطالب ليست بمستحيلة أو أحلام وردية لكنها تحتاج لإرادة حقيقة وعزم لتحقيقها .


السؤال الثاني : ماهي أهداف المعارضة (السلمية) الحقيقية  التي عادة ما تنشأ في أي بلد سعيا للإصلاح والتطوير ؟
الإجابة على هذا السؤال يتكون من ستة  نقاط ، أوجزها بالتالي :
1-    المحافظة على المكتسبات الشعبية العامة كالحرية والمساواة والعدالة  .
2-    توسيع مساحة المشاركة الشعبية فهو (الشعب) مصدر السلطات .
3-    تطوير آلية إتخاذ القرار والإستماع لمختلف مكونات الشعب .
4-    خلق الوعي السياسي لدى المواطن  .
5-    تعزيز الوعي الدستوري والإهتمام به .
6-    إيصال العناصر الفاعلة الى المجالس الشعبية المختلفة .

ختاما :
يجب القول و التأكيد مرة أخرى إن المعارضة يفترض أن تكون حينما يكون هناك ما يعارض معارضه وطنية تسعى لإصلاح أي فساد و إعوجاج ورفع أي ظلم قائم وفق القوانين و الأطر الدستورية  ، تنظر للوطن بكل مكوناته ولا تكون معارضة عنصرية أو طائفيه همها مصالحها الضيقة  ، فإن خرجت عن هذا الاطار فقد تصبح معارضة فاسدة مشاركة هي الاخرى بالفساد والإعوجاج ،  فالخطأ لا يعالج بخطأ .


عبدالوهاب جابر جمال


الثلاثاء، 3 يوليو 2018

دور الانعقاد الثاني تحت المجهر


دور الانعقاد الثاني تحت المجهر

ختم مجلس الأمة دورالإنعقاد الثاني للفصل التشريعي الخامس عشر في  يوم الأربعاء الماضي 27/6/2018 والذي انطلق بتاريخ 24/10/2017  في ظل إختلاف شعبي ونيابي حول تقييم عمله التشريعي والرقابي وهل كان وفق التطلعات أم لا ولذلك خصصت هذه الأسطر لتسليط الضوء على العمل الذي تم خلال هذه الفترة .

فكما ذكر في الإحصائية الختامية التي أعلنتها وكالة الأنباء الرسمية "كونا" فإن المجلس أنجز الآتي : 

-          إقرار 14 قانون .
-          إقرار 21 إتفاقية .
-         تقديم 7 استجوابات .

ومن أبرز هذه الأمور هي القوانين و الاستجوابات والتي من المفترض أنها تساهم بإيقاف الفساد وتلامس بشكل مباشر الشعب ودائما ما تكون تحت نظره وهي كالتالي  :

1-    القوانين :

-         قانون الرياضة الجديد والذي رفع بفضله الايقاف عن نشاط كرة القدم .
-         قانون بلدية الكويت والذي ألحقه انتخابات لإختيار أعضاء المجلس البلدي .
-         قانون التقاعد المبكر والذي من لم ينشر بالجريدة الرسمية بعد و المتوقع أن يتم رده من قبل الحكومة .
-         قانون نهاية الخدمة للقطاع النفطي والذي أتى بعد حراك لأبناء القطاع النفطي .
-         قانون تعارض المصالح والذي يعتبر قانونا رقابيا .
-         القانون الوطني لرعاية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والذي انتظره الكثيير من الشباب بشغف .
-         تعديل وتحديث قانون الشركات ليتماشى مع تطلعات جعل الكويت مركز مالي وتجاري .
-         قانون السجل التجاري كي يواكب الزمن الحديث .
-         قانون الأسرة والذي يعتبر تدعيما للإستقرار المجتمعي .
-         تعديل قانون الديوان الوطني لحقوق الانسان والذي أعطى الحكومة الحق في تعيين الرئيس بعد أن كان التعيين بيد مجلس الأمة.
-         قانون منح الجنسية الكويتية لما لا يزيد عن 4000 شخص .
-         مشروع قانون انشاء الهيئة الكويتية لمكافحة المنشطات والذي يعد أحد الشروط لىفع الايقاف عن النشاط الرياضي .
-         مشروع قانون بمساهمة دولة الكويت في رأسمال البنك الآسيوي للاستثمار والبنية التحتية .

2-    الإستجوابات :

-         استجواب وزير الاعلام المقدم من النائبين رياض العدساني و د.عبدالكريم الكندري
-         إستجواب وزيرة الشؤون المقدم من النواب الحميدي السبيعي و خالد العتيبي و مبارك الحجرف
-         استجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة المقدم من النائبين رياض العدساني و د. عادل الدمخي
-         استجواب وزير النفط المقدم من النائبين عمر الطبطبائي و عبدالوهاب البابطين
-         استجواب رئيس الوزراء المقدم من النائب حمدان العازمي
-         استجواب وزيرة الشؤون المقدم من النائب صالح عاشور
-         استجواب رئيس الوزراء المقدم من النواب محمد المطيري وشعيب المويزري ( وسيناقش في بداية دور الانعقاد القادم)

وعلى الرغم من هذه الإحصائية المعلنه لا بد لنا أن نقف وقفه لنوجه سؤال مشروع ومهم وهو هل حقق هذا المجلس الطموح و التطلعات الشعبية المطلوبه منه ؟!

بإختصار أقول إن هذا المجلس في دور إنعقاده الثاني لم يحقق التطلعات والطموح الشعبية بالصورة المطلوبة (فالمطلوب منهم كثير) رغم محاولات بعض النواب للعمل بإخلاص لتحقيقها وذلك لعدة أسباب منها  :

-         ان المجلس يعمل دون رؤية واضحه بسسب الاولويات المنفردة لكل نائب دون تنسيق .
-         انتشار روح العنصرية والقبلية والطائفية خصوصا في الاستجوابات ومواقف النواب منها.
-         الفوضى في اللجان البرلمانية وعدم عقد الكثير من إجتماعاتها بسبب غياب النواب و لعدم وجود نصاب .
-         تعقيدات اللائحة الداخلية التي تعيق الكثير من الإنجازات والعمل .
-         الكثيرمن القوانين المقرة لا تلامس أولويات المواطنين وأتت كردة فعل.
-         عدد من الإستجوابات لم تكن بنية الاصلاح الحقيقي بل أتت وفق حسابات سياسية إنتقامية لتصفية الحسابات .
- الخلافات النيابية النيابية التي انتشرت بشكل ملفت 


والأهم من هذا كله نرى إن المجلس قد تجاهل من خلال تشريعاته وعمله عدة أمور في غاية الأهمية لدى الشعب ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

1-    مكافحة الفساد .
2-    الحفاظ على الحريات وزيادة مساحتها .

حيث أنه لم يحقق شيئ منهما بل و أن بعض النواب ساهم بشكل مباشر بزيادة الفساد والتضييق أكثرعلى الحريات والتحريض عليها  بشكل مباشر ومتعمد وبالإضافة للكثير من الأمور الأخرى ، وبذلك فالمجلس لم يحقق المطلوب منه ولم يستشعر مطالب الشعب ،  ولذلك بات الدور اليوم على المواطن بشكل أكبر من خلال بث الوعي ومتابعة أداء النواب ومراقبتهم بشكل صحيح وواضح  ليعرف الصالح منهم من الفاسد وللضغط عليهم للمساهمة بتبني هذين الملفين المهمين والعمل على ترتيب أولوياته في لدور الإنعقاد القادم .

أما عند دور الحكومة و تخبطاتها  فلنا موعد في المقال القادم ،،،


عبدالوهاب جابر جمال