الأربعاء، 28 يونيو 2017

معركة الإعلام !


عادة ما يستغل البعض (أنظمة و أفراد) وسائل الإعلام لخلق رأي عام سياسي يتوافق مع رؤيته ، حيث كانت في السابق وسائل الإعلام التقليدية (التلفزيون والصحفهي المؤثر الأول ، وكلما امتلكت الدولة او الأفراد وسائل اعلام أكثر و متابعين أكثر إستطاع التأثير أكثر ، وكانت أبرز تلك الفترات علينا ما شهدناه في الكويت سنة ٢٠٠٨ في ما عرف باسم أزمة التأبين و (البروباغندا - propaganda) الإعلامية التي صنعتها جريدة الوطن انذاك ضد فئة من فئات المجتمع وشيطنتها أمام الشارع .


الى أن إنتشرت وسائل الإعلام الحديثة وأصبح لكل فرد في العالم وسيلة إعلامه الخاصة كالتويتر والفيسبوك والأنستغرام وغيرهم من (وسائل التواصل الإجتماعي والتي تعتبر الأكثر تأثيراً وتناولاً والأيسر والأقل تكلفة) فإنتقل الإعلام رسمياً الى يد كل فرد وكانت أوج هذه الفترة ما عرف بفترة الربيع العربي وخاصة في مصر حيث عرفت ثورته (بثورة الفيسبوك) وإستطاع البعض تحريك الشارع وإقامة ثورة وإطاحة نظام حسني مبارك  من خلاله .


 كما أن البعض بالكويت أيضاً إستغل هذه الأسلحة في ما عرف بفترة حراك (كرامة وطن) وقبله بفترة وجيزة من خلال المدونات ، حيث كان الشارع ينقاد من قبل (حساب وهمي ) يحركة يمين وشمال ويدعوه للتظاهر هنا والإحتجاج هناك ، وكيف تم خلق رأي عام كبير معارض في أذهان الشباب وجميعنا شهد ذلك .


فهذه النماذج التي ذكرتها تؤكد خطورة سلاح الإعلام على الأنظمة مما جعلها تنشئ غرف عمليات خاصة لدراسة هذه الظواهر وتوظيف أشخاص وإعطائهم رواتب خصيصاً للتغريد ولخلق رأي عام مضاد يكون لصالحها في أغلب القضايا .


فبات من السهل على البعض شيطنة من يريد دون تكلفة او تعب ، فقط التغريد والحديث الإعلامي لتشويه صورة من يريد وهذا ما نشاهده اليوم في الأزمة الخليجية مثلاً فكل طرف يقوم بإستغلال كل مجهوده الإعلامي لضرب الآخر وتجنيد المغردين والمدونيين والنشطاء والاعلاميين لصالحه ، بالإضافة لخلق أعداء وهمية يتم التركيز عليهم إعلامياً كي ننشغل بهم وننسى الأعداء الحقيقيين لاسيما مع وجود قنوات اعلامية كبيرة لدى كل طرف (كالعربية والجزيرة).


وهذا ما شهدناه أيضاً من خلال محاولة البعض وللأسف تلميع صورة العدو الصهيوني وشيطنة حركات المقاومة تمهيداً للتطبيع الذي كان من الصعب التفكير به سابقاً ، أما اليوم وبفضل الإعلام أصبح هذا الأمر طبيعي والحديث عنه أمر طبيعي جداً ، وبات البعض يشن هجومة اللاذع على كل من يقاوم العدو ومنها ما حدث في تويتر قبل أيام خلال القصف الصهيوني على قطاع غزة .


فأصبحنا اليوم نعيش في أجواء معركة إعلامية خليجية حقيقية أسلحتها بيد كل شخص يوجهه حيث شاء أو حيث يشاء أسياده ، فلذلك بات من الصعب اليوم أن يحدد الفرد العادي البسيط موقفه السياسي في أي قضية أو أن يتخذ موقف من أي شخص من خلال وسائل الإعلام ، بل يجب أن يقوم بجهد مضاعف ليختار الموقف الصحيح .



ختاماً أقول ؛ إن الإعلام سلاح ذو حدين إما أن يتم إعمار وحفظ وتطوير الأوطان به أو أن يتم تدميرها وخرابها فليختر كل شخص ما يريد .



عبدالوهاب جابر جمال


الأحد، 11 يونيو 2017

أزمة قطر والموقف الكويتي

منذ أكثر من عشرة أيام تعيش الضفة العربية من الخليج أزمة حادة بين دولها بعد حرب إعلامية شرسة ومقاطعة "بل حصارفرضته ثلاث دول وهي السعودية والإمارات والبحرين على دولة قطر .


ويعتبر هذا الحصار هو الأخطر على دول الخليج لأنه بمثابة إعلان حرب بين دوله ، ولأننا لم نشهد مثل هذا الأمر من قبل ، ولأنه أيضاً يمس الشعوب بالدرجة الأولى خصوصاً الأسر المتداخله والمتصاهرة من هذه الدول .


فحسب تقرير منظمة العفو الدولية الذي اصدرته قبل يومين فإن أكثر من ١١ ألف مواطن خليجي قد تضرر "إنسانياً" من هذه القرارات والكثير من العوائل تم تشريدها ، والكثير من الأطفال والنساء تم حرمانهم من أولياء أمورهم وأزواجهم .


ومنذ بداية هذه الأزمة إشتعلت وسائل الإعلام التقليدية وخاصة قناتي "العربية والجزيرة" بالتجييش ضد الآخر من خلال بث خطاب الكراهية والهجوم على الطرف المضاد ، مما تسبب في إنتقال هذا التجييش الى عامة الشعب وبدأ هو الآخر بممارسة نفس الدور لأزمة ليس له قراراً بها سوى أنه يقع ضمن الحدود الجغرافية لهذه البلدان !.


وأصبحت اللغة السائدة في وسائل التواصل الإجتماعي هي لغة الكراهية ورفض الآخر ، وللأسف أصبحت شعوب تلك الدول كالحطب الذي يزيد النار إلتهاباً ، لمعركة فرضها "الكبار" ولن يتضرر منها سوى "الصغار" .


ومع كل هذا الواقع المرير الذي فرض على دول الخليج ، بادرت الكويت كعادتها للم الشمل والعمل على إنهاء الأزمة ورص الصفوف من جديد وما زال الجميع بإنتظار نتائج هذه التحركات لمعرفة الى أين ستسير هذه الأزمة .


ورغم الدور الحيادي والإصلاحي الذي تلعبه الكويت الى أن البعض يسعى بالضغط لجرها للدخول مرغمة كطرف في هذه الفتنة ولذلك هناك بعض النقاط التي من شأنها أن تحافظ على موقف الكويت وتبعدها عن هذه الفتنة ومنها :

١- التمسك بمواد الدستور والحياة الديمقراطية لأنها الضمانة لتجاوز اي فتنة .

٢- العمل على تماسك الجبهة الداخلية الشعبية والعمل على تجاوز الخلافات والمناوشات الجانبية بين مكونات الشعب .

٣- الحفاظ على إستقلالية القرار كما هو الآن وعدم الإنصياع لإملاءات الخارج أياً كان .

٤- الإستمرار بالوقوف على الحياد وعدم الإنجرار للإصطفاف مع أي طرف ضد الآخر في هذه الفتنة  ، لأن في مثل هذه الأمور (كلا الطرفين خاسر)

٥- الإستمرار في العمل على تقريب وجهات النظر والسعي للم الشمل وتشكيل لوبيات للضغط على الدول المتخاصمة .



ولا بد في الختام أن يتذكر الجميع ما ينقل عن الامام علي عليه السلامكن في الفتنة كإبن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب .

عبدالوهاب جابر جمال