الأربعاء، 31 يناير 2018

لماذا التصويت بالإمتناع ؟!


لماذا التصويت بالإمتناع ؟!

أولا وبشكل  عام :

إن التصويت بالإمتناع في أي موقف أو إستجواب هو موقف سياسي كحال التصويت بالموافقة أو الإعتراض وهو حق مكتسب للنائب لا يمكن لأي شخص سلبه منه ، وهو موقف يعني أنه وعلى الرغم من الإقرار بوجود عدد من الملاحظات و الإنتقادات لكن لا يعني ذلك أن أوافق وأقف مع  الطرف الآخر وأعتبره على صواب   .

ثانيا في ما يخص إستجواب وزير الشؤون  :

فقد أثار البعض هذا التساؤل  لماذا صوت ثلاث نواب بالإمتناع (وبالخصوص النائبين الفاضلين السيد عدنان عبدالصمد و الدكتور خليل أبل) وأنا هنا لا أتحدث نيابة عنهم ولا أنقل رأيهم بل أتحدث من باب التحليل والرأي الشخصي  كمتابع  للإستجواب وحاضرللجلسة فأقول إن التصويت بالإمتناع عن طرح الثقة بالوزيرة هند الصبيح أتى نتيجة لعدة أمور (أراها واضحة كوضوح الشمس) ومنها :

1-    ضعف الإستجوات ، ومحاوره بينت إن الإستجواب المقدم لم يكن بالمستوى المطلوب الذي يعول عليه ولم تقدم أدلة واضحة تستحق إعدام الوزيرة سياسيا من أجلها .

2-    النواب المستجوبين لم يستطيعوا وضع يدهم  بشكل صحيح على مكامن الفساد والخلل الموجودة بكثرة بالوزارة والإدارات التابعة للوزيره ، والتي لو تم مناقشتها لكان من الممكن أن تتغير المعادلة.

3-    وضوح الشخصانية من قبل النواب المستجوبين بإستهداف الوزيره وإمتلاكهم لأجندات معينه .

4-    إستغلت الوزيرة ضعف الإستجواب وتمكنت من تفنيد محاورة بقوة و أدلة وأرقام وتمكنت من تجاوزه بردودها من ناحية فنية بحته .

ختاما ؛ وعلى الرغم من تجاوز الوزيرة وتفنيدها لمحاور الإستجواب فنيا وإنعكس ذلك بشكل واضح على مواقف عدد كبير من النواب ال29  الذين صوتوا ضد طرح الثقة وبالتأييد للوزير ،  إلا النواب (الممتنعين)  لم يرغبوا بإعطاء الثقة لها وللحكومة والوقوف معهم (من خلال التصويت ضد طرح الثقة ) لإقرارهم بوجود تجاوزات وملاحظات جمة ، ولم يرغبوا أيضا بالوقوف بصف الإستجواب الهزيل الذي لم يكن بالمستوى المطلوب (بالتصويت مع المستجوبين وتأييد طرح الثقة) 


فكان خيارهم  التصويت بالإمتناع .




عبدالوهاب جابر جمال

@Abdulwahab_j_j



الاثنين، 29 يناير 2018

سجن الكلمة

بعد أن كانت الكويت مضرباً للمثل لإمتلاكها لهامش كبير من الحرية و الديمقراطية التي عاشتها منذ سنوات طوال ،  حيث إعتاد المواطنين فيها على حرية التعبير عن آراءهم مستغلين حقهم في التعبير وإبداء الرأي الذي كفله لهم الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية .

أصبح المواطن و بشكل شبه يومي يستمع لأخبار مزعجة تتحدث عن صدور أحكام مشددة على المغردين  وأصحاب الرأي لتصل أحكام البعض منهم للحبس لعشرات السنين ، لا من أجل شيئٍ سوى لرسالة كتبها في تويتر لا تتجاوز ال 280 حرف أو لرأي عبر عنه في أحد وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة !

وبعد أن كنا نتغنى بمساحة الحرية باتت بعض العوائل اليوم تبكي أبناءها خلف القضيان بسبب كلمة ، وبدأ الكثيرين بالحديث عن خشيتهم من تقليص مساحة الحريات المتعلقة بالرأي بسبب قوانين وتشريعات أقرت في مجلس الأمة وبدعم وتأييد حكومي مباشر .

فهنا ومن خلال هذه الأسطر أوجه حديثي لممثلي الأمة (نوابنا الأفاضل) جميعاً دون إستثناء ، خصوصاً وإنهم من يملك الحق بتغيير هذا الواقع المرير من خلال إلغاء أو تعديل القوانين التي حكم من أجلها الكثير من الشخصيات العامة والمغردين والشباب كأمثال :

  • المغرد حمد النقي
  • النائب السابق عبدالحميد دشتي
  • الناشط عبدالرحمن العجمي
  • الكابتن أحمد عاشور
  • الكاتب فؤاد الهاشم
  • المغرد صقر الحشاش
  • الإعلامي عبدالله الصالح
وغيرهم من الأسماء الأخرى

هذه الشخصيات سواءً إتفقنا أو إختلفنا معهم (وشخصياً أختلف مع الكثير منهم) إلا إننا لا نملك سوى أن نرفض سجنهم بسبب رأي ،  فليس من المعقول أن يسجن شخص لعشرات السنين بسبب تغريدة أو رأي أو موقف !

وهنا أيضاً لا بد وأن أنتهز الفرصة لأشكر النائب أحمد نبيل الفضل والنواب د. خليل أبل ، د. عودة الرويعي ، خالد الشطي ويوسف الفضالة لتقديمهم إقتراح بقانون لتعديل بعض أحكام القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٠ كي ‏"لا تعتبر الآراء والأقوال من الأعمال العدائية" للدول .

وأقول لهم نعم إن هذا التعديل مطلوب ومستحق بل واجب ، لكنه يعتبر أضعف الايمان في الطريق نحو التحرر من القيود التي وضعت لتقيد الحريات ، فطريق الحريات طريقٌ شاق وطويل فاستمروا به ليخلد التاريخ أسماءكم وإسعوا قدر الإمكان لإلحاقه بالكثير من التشريعات الأخرى في هذا الطريق ومنها على سبيل المثال :

  • تعديل قانون الإساءة للدول الخارجية 
  • تعديل قانون الجرائم الالكترونية الفضفاض
  • تعديل مواد قانون المرئي والمسموع
  • إلغاء كل عقوبات الحبس في قضايا الرأي

وإن كان لا بد من عقوبة فأبدلوا عقوبة الحبس بالعقوبات الإجتماعية فالسجن ليس مكاناً للكلمة ، وإعملوا للتأكيد على كفالة حق حرية الرأي والتعبير في الكويت في ظل التراجع المخيف للحريات التي نعيشه هذه الفترة خصوصاً وان هذه القوانين تتعارض صراحةً مع الدستور والمعاهدات الدولية في المواد التالية :

1- المادة 36 من دستور دولة الكويت :
حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.

2- المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود

3- المادة (32) البند (1) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان :
يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية.

4- المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية :
البند (1)  لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
البند (2)  لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.

وبهذا ستعود الكويت كما كانت منبراً وساحة للحرية والديمقراطية ورمزاً ومثالاً يحتذى به فاق في مساحة حريته كل دول الخليج 
والمنطقة .


عبدالوهاب جابر جمال