الاثنين، 29 أغسطس 2016

الإستياء الشعبي ومسيرة الغضب

مع كل مشاعر الغضب والإستياء الشعبي أثر ما نشاهده من قرارات و تصريحات متتالية حول بعض الحلول الترقيعية للأزمة الإقتصادية التي تتحدث عنها الحكومة كقرار رفع أسعار البنزين والتصريحات المشينه لأحد نواب المجلس بطلب إلغاء “التموين” واعطاء كل مواطن مبلغ ٢٠ دينار بدلاً عنه .
 
بالإضافة الى ما ارادت الحكومة ايصاله من خلال إبراز بعض الشخصيات إعلامياً لتسويق هذه الأمور بطريقة مدروسة ولتهيئ الشعب لما هو قادم كأمثال “بوقرطوع و بوكمبليين” ونائب “شارع الحب” وغيرهم .
 
نلاحظ أنها فشلت وأن الشعب قد إنفجر بركان غضبه فبات صوته عالٍ في كل محفل وإجتماع ليستنكر هذه الافعال ، التي لا تستهدف إلا جيوب المواطنين البسطاء أما “الهوامير” فجيوبهم مصانة ، ليصل بنا الحال بأن يرفع أبسط مواطن صوته بوجه الحكومة عالياً ليقول : “لماذا تريدون من الشعب ان يدفع ضريبة فشلكم يا حكومة” ؟!
 
الى أن وصل الموقف لدى البعض بأن يعلن ومن حساب جنوب السرة في شبكة “تويتر” عن مسيرة تستنكر هذه التصرفات تحت مسمى (مسيرة الغضب الشعبي) والتي تندرج تحت مبدأ التعبير عن الرأي ، الذي يكفله الدستور في المادتين ( ٣٦ و ٤٤ )  وكفله الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادتين ( ١٩ و ٢٠ ) و كفله الميثاق العربي لحقوق الإنسان في (البند ٦ ، ٧ من المدة ٤٢ والمادة ٣٣) بالاضافة الى (بعض البنود في المادة ١٩ و ٢١) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . 
 
وعلى الرغم من كل هذا الإستياء الذي أعيشه حالياً  “كحال أي مواطن” إلا أنني أرفض المشاركة في هذه المسيرة لعدة أسباب منها :
 
١- التوقيت المشبوه لهذا الإعلان خصوصاً بعد إتخاذ ما عرف بالقرارات الرياضية التي عزلت أحد الأقطاب المتصارعة التي دمرت الرياضة الكويتية ، مما يثير الشبهة أنه ومن معه وراء هذه الدعوة للإنتقام من خصومهم  السياسيين .
 
٢- سرعة إستجابة رموز “المعارضة المبطلة” للدعوة وكأنهم بإنتظار أي إشارة من شأنها أن تحيي حراكهم ليتكسبوا منها وليستغلوها انتخابياً بعد عدولهم عن قرار المقاطعه السابق .
 
٣- تحريف الهدف الرئيسي من المسيرة والتي كانت مخصصة لرفض المساس بمقدرات “جيب” المواطنين وإستنكار زيادة أسعار البنزين ، لتصبح اسقاط حكومة ومجلس وغيره من الشعارات الفضفاضة التي تم إستيرادها من مسيرات “كرامة وطن” . 
 
٤- المحيط الإقليمي الملتهب والذي من شأنه أن يزيد من أي شرارة بسيطة تخرج بالمسيرة لتتحول المسيرة الى ما لا يحمد عقباه ولا يرغب به أحد .
 
٥- الخوف من عودة الفوضى للشارع السياسي بعد أن وصلنا بحكمة الحكماء وبعد معاناة كبيرة لحالة الاستقرار التي نعيشها حالياً .
 
وهنا ومن خلال هذه الأسطر وبرفضي لهذه المسيرة ، لا أتهم الجميع بالمؤامرة لأنني أعلم أن هناك من سيشارك بالمسيرة من الشباب المخلصين الباحثين فعلاً عن مصلحة الكويت رغم إختلافنا مع مسلكهم العملي ، ويجب أن تعي الحكومة أن تخبطها وفشلها في إدارة البلد هو من أوصل هؤلاء الشباب لمثل هكذا تحرك .


عبدالوهاب جابر جمال

الأحد، 14 أغسطس 2016

نبذ الكراهية


نبذ الكراهية شعار براق بتنا نستمع اليه في بداية ونهاية اي خطاب وكأننا اصبحنا نعيش في المدينة الفاضلة، التي يعيش بها الجميع بحب ووئام تحت سقف متين من مبادئ العيش المشترك .
لكن لو خرجنا من هذه الصورة المثالية ونظرنا لواقعنا نرى أنه يناقض ذلك تماماً ، فلو نظرنا لشبكات التواصل الإجتماعي على سبيل المثال لوجدنا أن ذات الشخص الذي يتغى بالمحبة و التعايش صباحاً ، يطعن ويستهزئ و يشتم كل من يختلف معه بالطائفة أو بالرأي السياسي ويصفه بالصفوي عابد القبور و تارة بالناصبي الداعشي تارة أخرى مساءً إلا القلة القليلة التي نأمل منها خير الأمة وصلاحها .
ونجد ايضاً ان الغالب الأعم من مجتمعنا لا سيما “الفئات الصغيرة بالسن والمراهقين” عند الوقوف على اختلاف في اي نقاش نرى ان سيل الشتائم تصل الى الطعن بالأصل والفصل والجنس ، وطبعاً هذا لم يكن ليحصل لولا الإرث الذي اخذه من البيئة التي تربى فيها وخرج منها .
وعندما نرى بعض سياسيينا والذين يعتبرون “من نخبة المجتمع”  والمفترض منهم ان يكونوا القدوة ، يتخذون مواقفهم وفق مصالحهم الضيقة حتى لو كانت على حساب مصلحة البلد ، فعلى سبيل المثال نراهم يُصعدون من وتيرة الخطابات الطائفية والطعن فيما بينهم عند اي موقف يختلفون فيه ونراهم يتصارعون ويتناحرون بسبب مواضيع بسيطة الى ان وصل بنا الحال أن نشاهدهم يتراشقون  “بالأحذية” في أهم قاعات الديمقراطية والدفاع عن المكتسبات !
هنا يتبين  أن لدينا كدول العربية نقص حاد وشديد في ثقافة نبذ الكراهية ومهما حاولت الحكومات من وضع قوانين بإسم نبذ الكراهية فانها لن تنجح بالحد من هذه الظاهرة السلبية لان المجتمع قد تشبع من الكراهية وعدم تقبل الآخر .
ولحل هذه المشكله يجب عليها كشعوب و حكومات :
أولاً : أن نضع أيدينا بأيدي بعض لتشخيص خطورة هذه المشكله “ثقافة الكراهية”
ثانياً : أن تضع رؤية وخطة شاملة لتثقيف المجتمع بخطورة الكراهية بين أفراد المجتمع و أهمية التعايش والمحبة .
ثالثاً : شن حملات توعوية اعلامية متطورة تتماشى مع ما وصل اليه المجتمع من تطور كبير ومن اهم ساحاتها وسائل التواصل الاجتماعي وعدم الاكتفاء بالوسائل البدائية.
رابعاً : تسخير جميع منابر العلم والعبادة ووضع مناهج دراسية خاصة بنشر ثقافة التعددية وإحترام الآخر ونشر ثقافة الإختلاف .
خامساً : العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان بطريقة “فردية وجماعية”
ومن خلال هذه الخطوات العملية نستطيع أن نغير ولو جزء بسيط من ثقافة المجتمع وتطويره الى الأفضل من خلال نشر مفاهيم حقوق الإنسان نصبح مجتمع متحضر يقبل الآخر ويحترمه كما يريد هو ان يحترمه الآخرين ويتقبلونه .


عبدالوهاب جابر جمال


السبت، 6 أغسطس 2016

حرية الرأي والإعتقاد

عادة ما يتغنى الجميع شعوباً و حكومات بمبدأ حرية الرأي والتعبير وكلاً يدافع عن رأيه بحجة حرية التعبير والاعتقاد وهم بعيدي عن هذا المبدأ بل متناقضين في تطبيقه .

فالحكومات لاسيما لدينا في عالمنا العربي دائماً ما تتغنى في المحافل الدولية بأنها ممن يتبنى حرية التعبير والإعتقاد وأن صفحات دساتيرها تترصع بعدة مواد تكفل للفرد هذا الحق ، لكنها في نفس الوقت “وللأسف” تناقض نفسها حينما تملأ سجونها بقضايا تتعلق بالرأي وتسن القوانين لتحد من مساحة التعبير عن رأيهم لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي ، فنرى ان المحاكم تضج بقضايا الرأي .

أما الشعوب ؛ فحدث ولا حرج نراهم يغردون ويهتفون بالحقوق ويطالبون بها ليلاً ونهار ، بحجة  أن الدستور والقانون الدولي يكفل لهم ذلك ، لكن البعض منهم وللأسف يتمادى ليتعدى بحريته على حرية غيره ويقاتل على ذلك .

وفي نفس الوقت الذي يدع  لقضية ما ويجد ان غيره قد تبنى فكره أخرى مضاده له تجد سيل الإتهامات جاهزه ليهاجمه بها ، وخاصة حينما يختلف معه في فكرة دينية أو سياسية تراه لا يتقبل منه أبسط رأي ، فباختصار يريد حرية الرأي له ولمن يتفق معه و يرفضها بل وينتزعها عن من يختلف معه !

فهنا يجب أن يعي هؤلاء ان حرية الرأي ليس شعاراً يتغنون به حين يتطابق مع هواهم ويرمونه حين يخالفها ، كما أنها ليست قطعة قماش يفصلونها حسب ما يرونه هم مناسباً ، بل هو مبدأ أقره القانون الإنساني قبل ان يقره الدستور والقانون الدولي .

ختاماً ؛ ان كان هؤلاء يجهلون معنى حرية الرأي ، فحرية الرأي تعني بالحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني بدون رقابة أو قيود حكومية  ، ويصاحب حرية الرأي والتعبير على الأغلب بعض أنواع الحقوق والحدود مثل حق حرية العبادة وحرية الصحافة وحرية التظاهرات السلمية .



عبدالوهاب جابر جمال