السبت، 30 ديسمبر 2023

الراحل د. سامي خليفة و اللقاء الأخير

 



قبل عدة أسابيع وفي إطار الإستفادة من تجاربه الغنية كان لي و مجموعة من الأحبة العاملين بلجنة العلاقات السياسية في التآلف الإسلامي الوطني لقاء مع الراحل د. سامي خليفة ( بوعمار )، وكان اللقاء ذات طابع أخوي توجيهي للإستفاده من تجاربه ونصائحه لما يحمله من إهتمام وخبرة بالساحه الإيمانية السياسية والإجتماعية .


فكل من عرف الراحل يدرك ما لأبي عمار من تجارب غنية (بإيجابياتها وسلبياتها) فهو رحمه الله من سخر حياته لمد الجسور وتكريس العمل المشترك سواءً على مستوى الساحه الداخلية أو على مستوى العمل المشترك العام . 


فكانت نصائحه العملية نصائح الشخص الحريص والخبير الذي وضع لنفسه شعار (تفعيل المشتركات) وكرس حياته للعمل عليه ، ويمكنني تلخيص ما ذكره لنا في اللقاء بعدة أسطر لعلها تكون خارطة طريق لكل عامل في هذا المجال :


حرص الدكتور الراحل في البدايه بأنه يجب علينا أن نضع هدف واضح و كبير نستوعبه جيداً  ونركز عليه في عملنا ، وعلينا عدم الإلتفات للأهداف الجانبية أو الثانوية لأننا بالإمكان أن نحصل عليها فيما بعد أو خلال المسير ، وعند معرفة هدفنا في العمل نستطيع أن نختار الطريق الصحيح الذي يجب أن نسلكه و نعرف و نختار الآلية المناسبة للسير في تحقيق هذا الهدف . 


وشدد بوعمار في حديثة على أهمية العمل المشترك مع كافة مكونات البلد و أن ننطلق بعملنا بطابع المبادرة وليس بطابع رد الفعل ، وأن تنطلق مبادراتنا في الأولويات المشتركة التي تجمعنا مع كافة المكونات والتيارات سواء كانت تيارات إسلامية أو  ليبرالية ، وقد شدد على أهمية الأعمال أو المشاريع المختلفة مع التيارات لبناء مساحات ميدانية معهم والتعرف عليهم وبناء الارتياح النفسي بين جميع الشخصيات ، فما يجمعنا في هذا البلد أكثر بكثير مما يفرقنا .


و حثنا على المشاركة في العمل السياسي مع من نختلف معهم كما مع من نتفق في مشاريع جماهيرية  تصب في مصلحة البلد كالندوات واللقاءات والبيانات وغيره ، ووضع خارطة للتواصل والتزاور المستمر مع الجميع سواءً كانوا أفراد أو تيارات ومجاميع ، وفي حال حدوث موانع لذلك ينبغي علينا أن لا نُحبَط بل نستمر بالمحاولة ولا نتوقف لتذوب الخلافات ونجني الثمار على المدى البعيد .


وبشكل عملي ذكر لنا تجربته الشخصية الناجحة مع (الإسلاميين) والتي أثمرت عن إقامة تجمع (الكتاب المحافظون) وكيف بحثوا كتجمع كل ما هو مشترك لبناء رأي عام توافقي وطني وحدوي ، وكيف أثمر سعيهم لتبني موضوع منع الاختلاط (على سبيل المثال)  عبر كتابة عدة مقالات في الصحف المحلية و بالحديث عنه في اللقاءات والدواوين بشكل شبه يومي وبالتالي إنساق النواب لمطلبهم .


أما تجربته مع الاخوة الليبراليين فقد ذكر لنا دوره في تنسيق العمل المشترك لمقاومة ومواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب و بين لنا كيف أن مساعيه و مساعي المجموعة ككل أثمرت و بتظافر الجهود تم عقد مؤتمر في فندق كراون بلازا (الكويت) لمقاومة التطبيع ،  وبعد فترة زمنية إلتحقت بهم عدة تيارات إسلامية كالحركة الدستورية مثلاً . 


ومن ضمن توجيهاته أوضح أنه يجب أن نعمل وفق نظرية أن الوقت الان هو وقت بناء الأساس وليس وقت تحقيق النتائج السريعة ، فإن نجحنا وتحقق الهدف فهذا النجاح سينعكس على الكل وسيتسبب بانفراجة كبيرة باذن الله .


هذا قليلٌ مما قاله وعمله الراحل طيلة مرحلة عطاءه ولو استطردنا بالسرد فلن تكفيه هذه الأسطر ، فللراحل تاريخ عطاء طويل يشهد له الجميع دون إستثناء ، ويكفيك عزيزي القارئ أن تتصفح وسائل التواصل الإجتماعي لتعلم مدى تنوع الأشخاص الذين أبنوه حينما سمعوا خبر رحيله المفجع بحزن ولوعه .



رحم الله الأستاذ العزيز والأخ الكريم الدكتور سامي خليفه برحمته الواسعة وألهمنا وألهم عائلته الكريمة ومحبيه الصبر والسلوان .



عبدالوهاب جابر جمال

السبت ٣٠ / ١٢ / ٢٠٢٣





الجمعة، 12 مايو 2023

رسالة الى كل محبَط


 

رسالة الى كل محبَط

لا تتنازل عن حقك .


لا يختلف إثنان على أن الكويت تعيش منذ سنوات بوضع لا تحسد عليه من صراع لأقطاب (طموحةانعكست سلباً على جميع مناحيالحياة فوصلت مؤشرات الكويت الى مستويات متدنية في شتى المجالات على مستوى العالم وتضخم مالي أنهك المواطنين من متوسطيومنخفضي الدخل .


فبات المواطن البسيط يطالب بأبسط حقوقه من بنية تحتية وإصلاح للشوارع ، الى المطالبة بحقه بالسكن (الذي ينتظره لعشرات السنينوحقه بالتعليم (الذي بات متدنيًا رغم وجود الكفاءات التعليمية الكثيرةوحقه بالطبابة (مما يدعوه للتوجه الى المستشفيات الخاصة او المطالبةبالعلاج بالخارج ) ، وأما على المستوى المالي فبات المواطن يبحث عن أعمال خاصة لزيادة دخله ليستطيع العيش عيشة كريمة في ظلتضخم مالي منهك يقابله راتب لم يتغير منذ أكثر من ١٠ سنوات ، وللأسف رغم كل الإمكانيات المتوفرة في البلد الا أن الوضع وصل الى هذاالمستوى !


و تزامناً مع ذلك بات الوضع السياسي في البلد بوضع لا يحسد عليه والجميع بات يعيش الحلقة المفرغة التي التي تعصف بالبلاد من تكرارحل وإبطال لمجلس الأمة وتصفية الحسابات الشخصية فيه والتعطيل المتعمد لدوره ومحاولة مصادرة حقه في محاسبة المقصرين وتشريعالقوانين ، الى التغييرات المتكررة في الحكومات المتعاقبة والجمود بل والتراجع العام في ظل التطورات الملحوظه في دول المنطقة   .


كل هذا وأكثر أوصل عدد كبير من أبناء الشعب الى مستوى متقدم من الإحباط وبات المواطن البسيط يتساءل عن السبب الرئيسي وراء كلما يحصل وهو يعلم بأنه متعمد ويدع لعدم المشاركة في الانتخابات !فرغم وجود دستور يجب أن ينظم هذه الفوضى ووجود ملاءة مالية منخلالها يستطيع المواطن أن يعيش برفاهية تامة وهامش ديمقراطية يمكنه من خلاله التعبير عن رأينا والمشاركة في إدارة الدولة من خلال نوابيقوم بإيصالهم لقبة البرلمان كما نصت المادة 6 من الدستور (نظام الحكم في الكويت ديمقراطي ، السيادة فيه للأمة مصدر السلطاتجميعاً ...) .


نعم إن ما يحصل في البلد ومنذ سنوات يدعونا للوهلة الأولى الى الملل والإحباط خاصة مع الجمود الحاصل في البلد وتكرار السيناريوهاتنفسها منذ سنوات وعدم إكمال محلي الأمك لمدته الدستورية .


لكن هذا الإحباط لا بد وأن يعالج وأن لا يكون سبباً في عزوف الناس عن التصويت والدعوة لتعطيل المجلس بل يجب أن يكون سبباً للإصراروالتمسك بحقنا كمواطنين أكثر وعدم الانصياع لمثل هذه الدعوات التي يتبناها الفاسدون لترك الساحة لهم وتأثر بها المواطنون !


ولا بد أن نسأل أنفسنا هذا السؤال :

رغم هامش الديمقراطية التي نعيشة وبوجود مجلس الأمة يحصل كل ذلك في البلد فما بالنا إن أُعدمت هذه الديمقراطية وعطل المجلستعطيلاً غير دستوري وجمد الدستور الذي ارتضيناه جميعاً حكاماً ومحكومين فماذا سيحصل ؟!


هنا لا بد من القول : أنه ورغم هذا الإحباط الذي يسعى البعض لبثه بين الناس لا بد أن لا يتنازل المواطن عن حقه في المشاركة بالانتخاباتبل يحتم على كل مواطن غيور على بلده الإصرار على المشاركة وإيصال الكفاءات الى قاعة عبدالله السالم ليواجهوا بدورهم أسباب غولالإحباط هذا ومعالجته والعمل على تحقيق طموح الشعب .


فالدستور و الحياة الديمقراطية حق قاتَلَ من أجله الأجداد والآباء ولا يمكن التفريط بهم بهذه السهولة فالتفريط بهم والتنازل عنهم هو الهدفالذي يسعى له من أوصل البلد الى هذا المستوى ، وإن تنازلنا نحن الأمة عن حقنا ترشيحاً و انتخاباً فقد أضعنا البلد وأوصلنا الحال الىأسوء من هذا الحال وسهلنا للفاسدين فسادهم .


فلا بد من العمل خلال هذه الأسابيع القليلة (قبل يوم الاقتراعوبهمة عالية لرفع الإحباط وحث الناس للمشاركة الواسعة وحسن الاختيارلإيصال رجال دولة قادرين على إنتشال البلد مما وصلت اليه و العمل على نهضته وملاحقة كل فاسد ومقصر والعمل على زيادة رفاهيةالمواطنين  .


وباختصار :

فلنواجه الإحباط بحسن الاختيار



عبدالوهاب جابر جمال


السبت، 2 أكتوبر 2021

خارطة طريق للحوار الوطني

 الحوار طريق لهدف وليس هدفاً بحد ذاته وهو حاجة ملحة لكل بلد تعصف به الأزمات والمشاكل ، وقيمة أي الحوار تكمن في نجاحه و في تحقيق الهدف منه وليس مجرد الجلوس على طاولته المستديرة تجمع الأطراف فحسب .


ولو أراد طرفي الحوار الوصول الى هذا الهدف لا بد من تحقيق شروط الحوار الناجح التي من الممكن إختصارها بالتالي :


  • أن لا يكون الحوار لمجرد الحوار .
  • أن لا يكون الحوار من أجل شراء الوقت او تمييع المطالب المحقة وإمتصاص مشاعر الغضب لدى الشعب .
  • أن يكون للحوار مقدمات واضحة تفتح الجو الهادئ والصحي لتحقيق ما يرجى منه .
  • أن تكون مبادئ هذا الحوار معلنه ومتوافق عليها من قبل كافة أبناء الشعب مع طرح الضمانات اللازمة لتحقيقها.
  • الخروج من لغة الغالب والمغلوب وأن يتم وضع مصلحة البلد فوق أي إعتبار آخر .
  • أن يضع الحوار حلولاً واقعية وجذرية للمشاكل والملفات العالقة ويكون هناك رغبة حقيقية لتحقيقها .


ولا بد من عكس هذا الأمر على الحوار الوطني الذي دعى له صاحب السمو والذي يعتبر فرصة لمرحلة جديدة و مهمة إنتظرناها ودعونا لها منذ سنوات وطريق لتتجاوز الكويت من خلاله مشاكلها و كافة الملفات العالقة فيها .


ولإنجاحه لابد من إشراك كافة أطياف الشعب بمختلف توجهاته السياسية والفكرية من دون أي إستثناء ليشمل الحوار كافة الملفات والقضايا العالقة دون تمييز أو تفرقة لتحقيق العدالة والمساواة المنشودة .


وليتكلل هذا الحوار بمصالحة وطنية شاملة تعيد الى أرض الوطن كافة المهجرين و الإفراج عن كل المدانين بقضايا قسمت الشارع و كانت محلاً للشد والجذب والطعن منذ سنوات وعلى رأسها :


  • قضايا الرأي
  • قضية المجلس
  • قضية العبدلي


وان لم يتم ذلك فلم يتحقق ما يصبوا اليه الشعب  ولن يرضيه ، و سيتم فهمه بشكل خاطئ وسينتج عنه سلبيات خطيرة خاصة اذا ما إتضح منه تمييزاً لفئة دون أخرى وإشعار أحد المكونات بأنه ليس من أولويات هذا الحوار ، وإن أهل الحوار لا ينظرون اليهم كأنهم مواطنون(كاملي الدسم) .



وقبل الشروع بالحوار لا بد من :


  • خلق الثقة بين كل الأطراف (الطرفين المتحاورين فيما بينهم وبين بعض من ناحية ، وبين الشعب و من يجلس على طاولة الحوار من ناحية أخرى) .
  • إبراز الرغبة الحقيقية لإنقاذ البلد والخروج مما هو عليه والإهتمام بكافة مكوناته وتحقيق الإستقرار السياسي . 
  • التخلي عن لغة التكبر من جميع الأطراف و الخروج من سياسة (الغالب والمغلوب) .




عبدالوهاب جابر جمال