الأحد، 27 مارس 2016

عمان والكويت رائدتا السلام في المنطقة

انتشر في الأيام الماضية صيت جميل لسلطنة عمان ودولة الكويت على انهما دولتان رائدتان في مجال السياسة الخارجية المتزنه والمبادرة لنشر السلام ووأد الخلافات والفتن في المنطقة .

فعمان عرف عنها بأنها بلد التسامح والتعايش الداخلي والسياسة الخارجية المتزنه والدبلوماسية ، والكويت كذلك تسير في نفس الخط المعتدل الذي تحتاجه الأمة لانتشالها من بحيرات الدم التي تغرق بها يوماً بعد آخر .

فسلطنة عمان بحكمة قيادتها وشعبها ساهمت بإخماد نار الحرب التي كادت أن تشتعل من قبل القوى الكبرى ضد إيران بسبب برنامجها النووي ، حيث كان لها الدور البارز في التوقيع على الإتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى والذي كان له الفضل في إبعاد شبح الحرب ، بالإضافه الى مبادراتها المتكررة لوقف نزيف الدم في اليمن مما جعل من صورة السلطان قابوس زينه تتزين بها شوارع اليمن بمختلف مناطقها .

وفي نفس السياق نستمع هذه الأيام للدور الكبير التي تلعبه الكويت في عدة ملفات بالعالم ، أبرزها حل الملف اليمني و المصالحة بين ايران ودول الخليج العربية .

ففي الموضوع اليمني ، صرح قبل أيام المبعوث الأممي في اليمن عن نية الكويت لإستضافة الأطراف اليمنية المتصارعة على طاولة حوار بعد اعلان وقف إطلاق النار لحل مشاكلهم وإنهاء الأزمة التي أتمت عامها الأول ، وفي ملف الخلافات بين ايران و الدول الخليجية جميعنا قرأ او سمع بالتقرير الذي نشرته جريدة الراي قبل مدة عن وساطة تقودها الكويت باسم سمو الأمير بطلب من الرئيس الايراني لإذابة الجليد وفتح صفة جديدة بين الطرفين مما سيجلب الخير الكثير للمنطقة ، ويحفظها من شر الحرب .

وهذه الدبلوماسية باتت تحتاجها أمتنا هذه الأيام أكثر من قبل خصوصاً مع انتشار شبح الحرب في أغلب مناطقها وزيادة القتل والدمار ، نحتاج هذه السياسة المتزنه لنكون واسطة خير لوقف شلالات الدم التي نشاهدها بشكل يومي ، ولنتفرغ بعد اطفاء نار الحروب شعوباً وحكومات لمواجهة العدو الحقيقي وأدواته "التكفيريين" بالإضافة لمواجهة مشاكلنا الإقتصادية الداخلية التي اصبحت تهددنا فعلياً وحلها .

كما ان هذه السياسة الدبلوماسية المتزنه ستجعل من الدولة التي تتبناها نقطة ارتكاز للوسطية بين الدول الأخرى وستجلب لها محبة الشعوب وتجعلها دولة محورية في العالم .

وعلى الرغم من جمال هذا الصيت وجمال هذه السياسة إلا أننا في الكويت بتنا نستمع لأصوات نشاز ترفض هذه الوساطات و تضغط لدخول الكويت بشكل مباشر في الصراعات كطرف من الاطراف ، هذه الفئة (رغم قلة عددها وصوتها العالي) لا تخرج من أمرين إما أنها تعشق رائحة الدماء وتقتات عليه وتربح منه ، او ان طائفيتها و عنصريتها تحتم عليها ذلك . 

فهل جهلت أو تجاهلت هذه الفئة ان مصلحة الكويت والتي تقع في موقع جغرافي خطر من مصلحتها ان تمارس هذه السياسة المتوازنه وعدم دخولها في حرب المحاور ، و من مصلحتها ان يعم السلم والامن والأمان في المنطقة .

فاليوم دورنا نحن  كشعوب ان نضع ايدانا معاً لنشر ثقافة رفض الحرب ولنكن من صناع قرارات السلم ، وان نرسل رسائل صريحة لحكوماتنا بتأييدنا لمساعي الوساطة التي تقوم بها ورغبتنا بايقاف الحروب ونضغط للإستمرارها بهذا الطريق . 

وندع الله ان يسدد عمان والكويت في هذا الطريق ويعينهما لنشر السلام واذابة جليد الفتن والخلافات ،وندع الله ايضاً ان يرزق بقية دول الاقليم الوعي والحكمة ليلتحقوا بركب السلام ونبذ الفتن والحروب .


عبدالوهاب جابر جمال

الأحد 17 جمادى الثاني 1437
الموافق 27 مارس 2016


الأحد، 20 مارس 2016

سخونة المشهد والمصالحة القادمة

تزامناً مع سخونة  فصل الصيف في الكويت بدأت الأجواء السياسية تشتد سخونة هي الأخرى وعلى الرغم من أن جميع المؤشرات تدل على استمرار المجلس لمدته الدستورية اي الأربعة سنوات (التي قي منهم ما يقارب السنة و ثلاثة شهور) .

لكننا بدأنا نشعر بسخونة الانتخات القادمة من الان ، فالبعض بات يعمل وكأن حملته الانتخابية قد انطلقت فبدأ بالقيام بمهرجانات خطابية ومؤتمرات صحفية ، واعلان المواقف مبكراً لأغلب المواقف الحساسة بالبلد بصوت عالي ، وكأنه يريد ان يثبت وجودة وقوته .

والبعض الاخر (جرء ممن كان مقاطعاً للانتخابات السابقة و يشكك ويطعن بالمشاركين) ، قد اعلن قراره بالترشح للانتخابات القادمة صراحة وبدأ بزيارات مكوكية "للدواوين" ليبرر لقاعدته الإنتخابية (المقاطعة سابقاً) سبب كسره لقرار المقاطعة واتخاذ قرار المشاركة ليكسروا هم ايضاً قرارهم بالمقاطعة وينتخبوه .

كما ان هناك ايضاً (من النواب الحاليين) من بدأ بالقيام ببعض الخطوات التصعيدية و بعض المواقف السياسية البارزة والتي من خلالها يقول لناخبيه انه يسعى لتحقيق ما وعدهم به قبل ٣ سنوات في ايام الانتخابات الماضية حنى لو ام تتحقق .

ولا ننسى من بات يخلق قصص "سرقات العصر" الغير حقيقية وغير موجودة ليظهر وكأنه حامي حمى المال العام والبطل الصنديد المعارض للحكومة بعد ان اصبح ورقة ضائعة بسبب الحكومة .

 كما انه بات من الواضح ان هناك تيارات و شخصيات بارزة (مقاطعة) ستخوض الانتخابات القادمة ، لكنها تحتاج لحدوث اي موقف لتحفظ ماء وجهها وتضعه سبباً لمشاركتها ، فأتاها اقتراح النائب أحمد مطيع العازمي (بتغيير النظام الانتخابي الذي يطالب فيه بتغيير التظام الانتخابي بجعل التصويت لصوتين بدل صوت واحد) على طبق من ذهب لتستغله وتضغط لتطبيقة كي يكون لها مبرر صريح للترشح .

ومع هذه السخونة في المشهد السياسي بدأ الجميع يشاهد اشارات واضحة من الان للانتخابات القادمة من ابرزها :

١- سنشاهد ان الحضور الانتخابي سيكون استثنائي ، خصوصاً وان هذه الانتخابات ستكون بعد اتمام هذا المجلس لمدته الدستورية (٤سنوات) ، بعد اكثر من١٠ سنوات من الحل والابطال المتكرره.

٢- سنشاهد انتخابات شديدة على كرسي (رئاسة المجلس) خصوصاً مع ثقل الشخصيات التي تتداول اسماءها بانها ستترشح لهذا المنصب وكثرتها على غير العادة (حيث كانت تنحصر بين شخصين) ، وكلنا نرى والتحالفات والترضيات التي بدأت تفوح رائحتها لكسب الكرسي من الآن .

٣- سنشاهد دخول عدد كبير من المقاطعين للانتخابات مما سيعيد عدد منهم للمشهد السياسي "بقوة" بعد ان قاموا باقصاء انفسهم وابتعادها عن صنع القرار الوطني وهذا ما سينعكس داخل قلة عبدالله السالم من تغيير كبير بأسماء النواب .

٤- نرى وسنساهد اكثر في الايام القادمة تكتيكات حكومية والتي بدأت منذ فترة قصيرة لكسب ولاءات البعض استعداداً للاستحقاق القادم خاصة مع بعض التيارات التي تتغير وتتلون في كل فترة حسب مصلحتها .

كل هذه المؤشرات جيدة بمجملها ، خصوصاً مع قبول شريحة كبيرة من المقاطعين فكرة أن لا خيار للشعب الا بالمشاركة الديمقراطية ، وأن من لديه ما يعارضه لا يستطيع تغييره الا من داخل المجلس على الرغم من كل ما الظروف .

كما اننا نرى ان الأمور تتجه لمصالحة عامة ستدعوا لها الحكومة والمعارضة المبطلة لتعود المعارضة للمشهد السياسي وهذا ما نستشعره من قيام شخصيات بارزة ولها تاريخها البارز كالنائب السابق د.أحمد الخطيب بالدعوة للمشاركة في الانتخابات .

نصيحة :
عند اتخاذك موقف سياسي معين (كمقاطعة الانتخابات) مثلا ، لا تطعن بشريكك بالوطن الذي يخالفك بالرأي والموقف ولاتقطع حبال التواصل معه أياً كان هذا الرأي والموقف ، فانك في يوم من الأيام من المحتمل (بل من المؤكد) ان تغير رأيك او يغير هو رأيه وتضعوا ايديكم بيد بعض ،  فبالنهاية مصير البلد برتبط بالجميع  .


عبدالوهاب جابر جمال

الأحد 10 جمادي الثاني 1437
الموافق 20 مارس 2016


الأحد، 6 مارس 2016

المشروعية بين داعش والحشد الشعبي

انتشرت في الايام الماضية بين من يعتبرون أنفسهم بالمثقفين و الأكاديمين والنخب ظاهرة مقارنة بين الحشد الشعبي العراقي و تنظيم داعش الارهابي ، وانتشرت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ خصوصاً في المجتمع الخليجي .

ويقوم من يتبنا هذا الامر بطرح فكرة بأن الحشد الشعبي و داعش يقومون بنفس الفعل "الاجرامي" ويحملون نفس الاهداف لكن الامر المختلف بينهم هو انتمائهم المذهبي !!

هنا ومن خلال هذه المقالة سأقوم بتفنيد هذه المزاعم بعدة نقاط سأسلط عليها الضوء من باب التذكير فكلنا رأينا هذه الفترة وعشناها :

1 - الأساس والهدف من التأسيس :
-  داعش تأسس لهدف اقامة "الدولة الاسلامية" المزعومة واحتلت عدد من المناطق والمدن في سوريا والعراق لاقامة مشروعهم هذا
- الحشد الشعبي تأسس لهدف تحرير مناطق العراق وايقاف تمدد "داعش" ومنعه من تحقيق هدفه في العراق

2 - المكونات المنظوية تحت التشكيل :
- داعش ينظم تحته عشرات الالاف من الأشخاص ممن هاجر من  دول مختلفة واستقر في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق والتي يطلقون عليها "أرض الخلافة" أو " الدولة الاسلامية"
- الحشد الشعبي ينظم تحته عشرات الآلاف من العراقيين بمختلف تياراتهم السياسية ومناطقهم وأقاليمهم .

3- الطائفة التي ينتمي اليها التنظيم :
- يزعم تنظيم داعش زوراً وكذباً بأنه ينتمي للطائفة السنيه الكريمة ( رغم ان رموز وكبار علماء الأمة يرفضون هذا الأمر )
- الحشد الشعبي ينتمي له السنه والشيعة والأكراد ومختلف فئات الشعب العراقي (رغم ما يشاع انه شيعي بحت)

4- العمليات التي يقوم بها التنظيم :
- داعش يقوم بعمليات نحر وتفجير مساجد وحسينيات وتهجير و قتل كل من يختلف معه من مدنيين و عسكريين اطفال ونساء ، ويعترف بل ويتفاخر بعملياته الاجرامية ويتبناها بشكل رسمي امام الاعلام من خلال اصدار بيانات رسمية موقعة باسم التنظيم
- الحشد الشعبي يقوم بعمليات ضد داعش ويقوم بتأجيل او الغاء العديد من العمليات التي يصادف ان يكون هناك مدنيين بنفس المكان ( رغم محاولة البعض بالقيام ببعض العمليات المشبوهه ليتهم بها الحشد )

5- الانتماء السياسي والقانوني :
- داعش لا يعترف بقوانين اي بلد يدخل به و يعلن بانه يبايع ابو بكر البغدادي كخليفة للمسلمين وقائد ومرشد لهم
- الحشد الشعبي يعتبر احد الأجنحه العسكرية التابعة للدولة العراقية و معترف به من قبل الحكومة وينضوي تحت قيادة واشراف القائد العام القوات المسلحة العراقية

6- مصدر الدخل والتمويل :
- داعش يعتمد على بيع النفط المسروق من سوريا والعراق بالاضافة الى التبرعات والدعم التي يتلقاها من بعض الأجهزة الإستخباراتية والمتشددين
- الحشد الشعبي يعتمد على الدعم الحكومي العراقي حيث خصصت الحكومة مبلغ من ميزانية الدولة ليدفعها كرواتب لمقاتلي الحشد بالاضافة الى تبرعات من قبل الشعب العراقي 

7- الأرض التي يقاتل عليها :
- داعش يقاتل على اراضي في سوريا والعراق وقام بالكثير من العمليات في مختلف دول العالم 
- الحشد الشعبي يقاتل بكل الأراضي التي يحتلها داعش في العراق ليحررها (كردة فعل) ويعيد اهلها اليها ، أكانت هذه الأرض ذات اغلبية سنية أم شيعية  بلا فرق

وهناك الكثير من الامور التي نستطيع طرحها لنبين مدى الظلم والزيف الكبير الذي يقوم به البعض من خلال المقارنة الظالمة بين هذين التنظيمين "النقيضين تماماً"

وأما عن سبب قيام هؤلاء "النخب" بهذه المقارنه الظالمة هي سبب من عدة اسباب ، فاما انهم يريدون ان  يتستروا على الجرائم التي يقوم بها تنظيم داعش الإرهابي ويريدون القول ان الطرف الاخر ايضاً مجرم وارهابي !! أو لكي يقولوا ان هناك ارهابيين من كلا الطائفتين "الشيعة والسنه" لأنه وللأسف يعتبر ان داعش هم من السنه و الحشد الشعبي من الشيعة وليقول ان الاسلام لا يصلح للقيادة والعمل السياسي وليصور ان الخلاف بينهم خلاف طائفي "اجرامي"   !!

اذاً ومع هذه المعطيات تتضح المشروعية التي يتحلى بها الحشد الشعبي في مقابل داعش هذه البؤرة الارهابية التكفيرية ويتضح ان المقارنة بينهم ظالمة ومجحفة ولا يتقبها لا عقل ولا منطق .


عبدالوهاب جابر جمال

الأحد 26 جمادي الأول 1437
الموافق 6 مارس 2016