الاثنين، 15 مايو 2017

معارضة الإفراط والتفريط


عادةً ما تبرز المعارضة في دول العالم حينما يكون هناك ما يُعارض من إنحرافات عن الدساتير و يكون هناك ظلم يقع على المواطنين و تكون هناك أمور سيئة تقوم بها الحكومة تجاه الوطن والشعب ، وعادة ما يكون للمعارضة أهداف وآليات عمل واضحة تنصب في قضية الإصلاح وتقويم البلد وتطويرها كي ينمو ويصل لحال أفضل و تُحقق كرامة المواطن وهذا أمر مطلوب وصحي .


وفي الكويت وبشكل خاص برزت المعارضة مع بداية انطلاق العمل الديمقراطي وعرفت أكثر عندما قامت بعض القوى الوطنية بمعارضة الكثير من سياسات السلطة التي كانت تراها خاطئة ، ووصلت لذروة عملها الوطني المعارض في فترة الثمانينات أو ما عرف بمعارضة دواوين الإثنين ، حيث كانت مرحلة يضرب فيها المثل لسمو أهدافها و آلياتها ولشمولها لأغلب التوجهات السياسية والدينية وقد حققت تلك المعارضة الخير الكثير للكويت لأنها وضعت الكويت نصب عينيها وكان محور عملها التمسك بالدستور .


أما في السنوات الأخيرة وللأسف تم تشويه صورة المعارضة ممن يدعون أنهم معارضة حيث أصبح أغلب رموزها وتياراتها تعمل وفق مصالحها الخاصة وتوازناتها المشبوهة ، و أصبح من السهل أن تتلون وتتغير وفق مصالحها ومصالح المقربين منها وهذا ما رأيناه بأم أعيننا قبل سنوات في ما عرف بسنوات الحراك والى اليوم حيث التقلب من حالٍ الى حال ومن الإفراط بالمعارضة الى التفريط .


فبالإضافة لسياسة الإقصاء التي إنتهجتها هذه المعارضة تجاه شركائها في الوطن ، كانت أغلب مكوناها تنتهج نهج الإفراط بالمعارضة من خلال التصعيد بالأدوات الدستورية وإشغال المجالس المتكرره بالإستجوابات (حيث تم تفريغ الإستجوابات من هدفها وحيويتها) ، الى أن تم تغيير النظام الانتخابي بمرسوم أميري  واتخذت "المعارضة" قرار مقاطعة الانتخابات ونزلت بقوتها للشارع بحجة مواجة الفساد و إسقاط رئيس الوزراء ، فكان خيارها الصدام مع السلطة والسلطة ردت عليها بنفس الأمر وعاش البلد بتلك الأيام مرحلة سياسية ملتهبة أتمنى أن لا تعود بين حكومة فاسدة ومعارضة متهورة .


لكن ومع تبدل مصالحها وخياراتها نزلت نفس تلك المعارضة لإنتخابات مجلس بوصوت الحالي كما أسمته هي (وأنا هنا لا أعارض نزولها بل رحبت كما الكثيرين بمشاركتها) ، وحينما وصل عدد من مرشحيها لقاعة عبدالله السالم تخلت عن إفراطها واتجهت للتفريط بشعاراتها ومعارضتها ، وباتت تعقد الصفقات والهدنات مع رئيس الوزراء ، وأصبح ذالك واضحاً وجلي في آخر جلسة لمجلس الأمة والتي تخللها ثلاثة إستجوابات إثنان منهم لرئيس مجلس الوزراء حيث سقطت الأقنعة وإنكشفت الوجوه وحصن رئيس الوزراء بحجة الاتفاق والهدنه معه بعد أن كانت تستهدفه مباشرة ليل نهار .


وهنا يجب ان أقول انني لست بصدد حجب حق النائب  بإتخاذ الموقف والقرار الذي يراه مناسباً ويرضي به ضميره لكن أريد أن أبين مدى تناقضهم ، ففي السابق كانوا يشككون بمن يسعى لنصحهم بطلب التدرج بالمساءلة ويصفونه بأوصاف غير لائقة كالإنبطاحي والبصام و غيرها من الأوصاف ، فقط لأنه خالف خيارهم واختار نهج التدرج في وقت كان خيارهم الوحيد هو الصدام .


فما الذي تغير الان غير مصالحهم ومصالح القريبين منهم  ليتغير موقفهم بهذا الشكل ؟! ليس فقط باتخاذهم لقرار التدرج بل تعدوا ذلك بكثير حيث باتوا يتفاخرون بالهدنه والتهدئة ونسف كل مبادئهم وشعاراتهم الرنانة التي اطلقوها بفترة الانتخابات ! فهل يحق لهم الان إتخاذ مثل هذه الخيارات ولا يحق لغيرهم من قبل !


ختاماً على الجميع أن يعي الدرس وخاصة من أيد وراهن على "تلك المعارضة" منذ 2012  ، ليعرف أنها معارضة مصالح لا مبادئ سرعان ما يتلون أعضاءها كالحرباء ، كما يجب ان يعي الجميع أننا في الكويت لسنا بحاجة للإفراط ولا للتفريط في المعارضة بل بحاجة لمعارضة رشيدة تضم كل المكونات و تعمل لمصلحة الكويت ككل  كمعارضة دواوين الاثنين ، وحينها فقط سيتم مواجهة الفساد بشكل حقيقي أياً كان وتعود الكويت كما كانت .



عبدالوهاب جابر جمال


الاثنين، 8 مايو 2017

البطة العرجاء (٣) - الحكومة

إستكمالاً لسلسلة المقالات التي كتبتها في الأسابيع الماضية ، سأتطرق في هذا الجزء حول سياسة البطة العرجاء التي تنتهجهاالحكومة الرشيدة” .


فما أشبه الحالتين ببعضهما البعض فحكومتنا بل (حكوماتنا المتعاقبة) عاجزة تماماً عن المسير في طريق الإنجاز والتقدم بمشاريع حقيقية تخدم الشعب ، مما جعل الديوان الأميري يتدخل مراراً وتكراراً لإنجاز أضخم المشاريع التنموية التي نشاهدها اليوم والتي عجزت الحكومة عن إنجازها لسنوات .


ولم تكتفي بهذا الأمر بل وصل بها الحال وكما كان واضحاً للجميع في جلسات مجلس الأمة لمناقشة خطة عملها ، أنها لا تعرف تضع خطة عمل حقيقية وصحيحة بل إكتفت ببرنامج عمل إنشائي مكرر ومنسوخ من سنوات ماضية !


ووصل بها الحال الى عدم القدرة على مواكبة الأحداث والأزمات وليس حلها ، ففي أغلب أزماتنا (السياسية ، الإقتصادية ، التنموية وحتى الطائفية) نجد أن الحكومة غير قادرة حتى على التصريح وتحميل المسؤولية لأحد ، وإن خرج أحد الوزراء للتصريح ليبين وجهة نظرها و موقفها نجد أن أفضل ما يوصف به تصريحه بأنه (جاب العيد !) .


فالحل هنا ومن وجة نظري يكمن في وجود رئيس وزراء لديه القدرة الكاملة على إختيار وزراء أكفاء بعيداً عن المحاصصة السياسية والترضيات  التي شكلت بها الحكومة الحالية والحكومات السابقة ، ولديه القدرة على التنسيق بين وزراءه لوضع خطة عمل حقيقية وإمتلاكه إرادة صلبة لتحقيقها  .


وأن تكون الحكومة مقبولة شعبياً وبعيدة كل البعد عن الخلافات ليكون جل إهتمامها هو الإنجاز وليس تصفية الحسابات ، ولتمتلك الدعم السياسي الشعبي لها ليمكنها من العمل بجو من الهدوء والطمأنينة .




عبدالوهاب جابر جمال